إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
كلمة توجيهية في مكتب الدعوة بجدة
3007 مشاهدة print word pdf
line-top
كلمة توجيهية في مكتب الدعوة بجدة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، في الحقيقة لا مزيد على ما ذكره الإخوان ولا نستطيع أن نحثهم على زيادة على ما قاموا به، فإن هذه النشرات وهذه المطويات وهذه الأشرطة وهذه الرسائل والكتيبات بهذا العدد الكبير يندر أن يصدر من مكتب واحد ولكنه توفيق الله، توفيقه وإعانته على القائمين به حيث بذلوا ما استطاعوا من الجهود، ولا شك أن مدينة مثل هذه المدينة تستدعي مضاعفة الجهود وكثرة البذل وكثرة الدورات وكثرة المحاضرات؛ وذلك لسعة البلاد وسعة فروعها وكثرة السكان والمواطنين، فإن البلد إذا اتسعت تحتاج إلى جهود يبذلها أهل الخير لنشر الدعوة الإسلامية وفي بث الوعي في المسلمين.
سيما أن هذه المدينة يتوافد إليها الكثير والكثير من البلاد الأخرى سواء من داخل المملكة أومن خارجها، ويجتمع فيها الديانات المختلفة، ديانات نصرانية وبوذية وهندوسية وغيرها من الديانات الباطلة، وكذلك البدع: بدع الرافضة، وبدع الصوفية، وبدع العلمانية، وبدع البهائية، وبدع الدروز، والنصيرية، وغيرهم من المبتدعة، وكذلك أيضاً العصاة والمخالفون لا شك أيضاً أن لهم تواجد في كثير من المدن الكبيرة، ولا شك أن الجميع من هؤلاء الأصناف الثلاثة لهم جهود في نشر باطلهم، وفي دعم ما يميلون إليه وفي الإكثار من الدعايات والإعلانات؛ للتمكين مما يدعون إليه، سواء صرحوا بما يدعون إليه من دياناتهم، وعقائدهم، وبدعهم، ومعاصيهم، ومخالفاتهم، وخلافاتهم، وسخريتهم، واستهزاءهم بالسنة، وبأهلها.
أو لم يصرحوا ولكن بالإشارات وبالتشكيك وبإلقاء الشبهات، أو لم يصرحوا بذلك بل أعلنوا أعمالهم الكفرية والشركية ومعاصيهم ومخالفاتهم أعلنوها جهاراً، ولا شك أن الإعلان لها دعاية إليها، حيث إن السذج والجهلة إذا رأوها معلنة صريحة وليس هناك ما يقاومها ولا من يردها فإنهم يتظاهرون بفعلها ويتجرأون عليها، فإذا كان هناك من ينبه هؤلاء السذج وهؤلاء الجهلة ويخوفهم ويحذرهم وينذرهم ويبين لهم سوء عاقبة هؤلاء المبتدعة والدعاة والعصاة والمخالفين وتهافتهم وكثرة ما يدعون إليه وينفقونه في السوء وفي الشر وأهدافهم وأغراضهم السيئة التي يميلون إليها ويدعون إليها.
فإن الجمهور إذا نبهوا على ذلك انتبهوا وحذروا من الوقوع في شباك هؤلاء ومن الانخداع بما يدعون إليه، وإذا غفلوا غفل أهل الخير، لم يغفل أولئك الدعاة سواء بالأقوال أو بالأفعال؛ فلذلك كان واجباً على أهل العلم وأهل العبادة وأهل الخير وأهل الصلاح وأهل الاستقامة أن يقوموا بما يقدرون عليه من هذه الدعاية إلى الخير لمقاومة دعايات أهل الشر، وواجباً عليهم أن يكافحوا ويجاهدوا في سبيل الله لإظهار الحق ولنصره، ولا شك أن ما قام به الإخوان في هذا المكتب جهد كبير وعمل صالح يشكرون عليه.
ولكن نحن نقول إن المدينة المذكورة هذه تستدعي مكاتب كثيرة كلها تعمل مثل هذا العمل، وفي العام الماضي قد زرنا مكاتب كثيرة كلها والحمد لله تبذل جهوداً وتواصل عملاً وكلهم يعملون مثل أو قريباً من هذه الأعمال، ولعلهم أن يخففوا من الشر ولو قليلاً ويقوموا بالواجب الذي أوجبه الله على الأمة، والذي هو فرض على الكفاية، فإن هذا الأمر الذي هو الدعوة إلى الله تعالى فرض على الأمة جميعاً، وهو من آكد فروض الكفايات.
وأما الدعوة إلى المعاصي والدعوة إلى تمكين العصاة من إظهار وإعلان فسوقهم وذنوبهم فإنها دعوة محرمة، ومع ذلك فإن تلك النفوس التي تدعوا إليها والتي تهز المشاعر إلى المنافسة فيها لا شك أنها نفوس رديئة مقصدها سيئ، فواجب أن يكون هناك من يرد عليهم ويقال لهم نحن نقوم بواجب على الأمة، وأنتم تقومون بمحرم على الأمة وفرق كبير بين من يقوم بما حرم الله وبين من يقوم بما أوجب الله، فالواجب أن تتضافر الجهود، وأن يبذل كل ما استطاعه من قوة، سواء من بذل الأوقات، أو بذل الأموال، أو بذل العلوم، فإذا تضافرت الجهود حصل بذلك إن شاء الله خير كثير واستفاد المسلمون واندفع الشر وضعف أهله.
وقد زرت هذه البلاد قبل خمس سنوات، عندما قمت بإلقاء دروس في جامع الملك سعود وفي تلك السنة أعجبت بكثرة المندوبيات في كل حي مندوبية عندما نزورهم ويشرحون لنا ما يقومون به نجد أو نتخيل أن جهدهم أكبر من جهود من قبلهم، فواجب على المكاتب أن يشجعوهم وأن يحثوهم على المواصلة، جهود فردية وجهود جماعية يشاركون فيها المكتب في تفريق النشرات والمطويات والأشرطة، ويزيدون بالاتصال بالأئمة وحثهم على تفقد المصلين، وحثهم على تشجيع من يصلي وتحذير من لا يصلي، وكذلك حث كل والد على أن يقوم على أولاده ويحرص على إحضارهم إلى المساجد، وهكذا جهود أخرى تقوم بها تلك المندوبيات في تشجيع من يكون معهم وفي القيام على المخالفين جميعا، لابد أن تلك المندوبيات بحاجة إلى من ينبههم ويحفزهم ويشجعهم على المواصلة، وإذا رؤي أن بعضاً من تلك المندوبيات ضعف جهدهم أو حاولوا أو رأوا تقويض أمرهم وطي عملهم وتركه، فلا يتركون، بل يعاد إليهم نشاطهم ويشجعون بما يستطيعونه.

line-bottom